هذا الأديب قد خلع لباس الحياء ( يمنع دخول الصغار ) !
” الساخر كوم ”
__________________________________________________ _____________
ماذا نريد من الأدب ؟
هل نريد منه أن يتحول إلى زينة نضع فيها هدايانا للمحبوب ؟
هل نريد منه أن يتحول إلى أنات حائرة تدور فوق أعين المحبوب تلذعه ولا تؤذيه ؟
هل نريد منه أن يكون أغنية شاردة يرددها مخانيث المغنين ليسكروا بها قلوب العذارى ، ويطبخوا بها دماء الأغرار ؟
هل نريد منه أن يصبح بطلا عالميا في ( الجمباز ) ليسلي الجماهير المحتقنة !!
أم نريده بهلولا جديدا ( يوسع ) صدر السلطان ، وأصحاب السلطان !! يلطخ نفسه بالقاذورات وينطق بالفحش ويتعرى أمام السابلة .. ليبتسم عظمته ، وليقهقه معاليه !!
أم نريد منه أحبولة نتصيد بها الريالات بعدما يئسنا من تحصيلها في واقعنا المر ، وبعد أن اتسخت أيدي كثير ممن مارس العفة مهمة حياة !!
أم نريده أراجوزا بأيدي أغيلمة أغتام … يخرجون لنا بين الفينة والأخرى بمسرحية شائهة تمارس الهزل ولا تمثله وفرق شاسع بين الأمرين ، تريد منا أن نصلح أنفسنا لتضبط اهتزازاتها ووقائع حياتها على ما يراد منها لا ما تريد !!
أخبروني بربكم ماذا نريد من هذا ( الشيء ) المسمى ظلما في عصرنا أدبا ؟
لقد تحول الأدب اليوم إلى بغي لا تلتزم رجلا واحدا ، ولا يعرف لها وجه واحد ، وهي بين الكذب والخداع قابعة لا تخرج وإن خرجت فلتجلب صيدا لا غير ..!!
عندما يتحول الأدب إلى تسلية وتزجية للوقت فإن الحياة من أساسها ليست إلا فسادا مركبا ، الأدب روح الأمة ، ونارها ونورها ، فإن كانت الأمة : أمة بائسة كارعة في الذل قد وليها من لم يشم طعم الراحة النفسية ولم يتعرف على أخلاق الحياة من رجولة وإباء وأنفة وكرم صادق ، فإن الأدب سيأتي أدبا بائسا محطما منهكا موبوءا يحمل كل جينات الفساد للحياة التي يعايشها ويرقم حواشيها على متون الريح !!
يتحول الأدب إلى وسيلة لصيد فرص الحياة ، فإن كانت هذه الفرص نساء : اشتغل بالغزل ووصف الأجساد بكلمات الحب وأغاني الهوى !! وحسب قوة الرغبة تمتن ( الصنارة ) وتأتي بأكثر صيد وأشهاه !! بل إن الشعر والنثر يتحولان كل ساعة إلى شيء من أشياء الحب ودعاوى الحب : فمرة يكونان ( سنتيانا ) ومرة (بكيني ) ومرة ( مناكير ) ومرة ( قلم روج ) ومرة ( كحلا ) ويزيد الأمر ليتبضعا قليلا في (سوبر ماركت) للجنس وأدواته !!
وإن كانت تلك الفرص مالا : سلك الأدب طريق الاحتيال والنصب والضحك على الحمقى والمغفلين ، فهذا سيد الزمان ، وهذا أكبر ( خزنة ) في العالم ، وهذا شيك محرر موثق !! وهذا إمام المسلمين وخليفة الله في أرضه وظله بسطه على خلقه ، كما قال ابن هاني ذات سُكرٍ للحاكم العبيدي :
ما شئت لا ما شاءت الأقدار /// فاحكم فأنت الواحد القهار
و كأنما أنت النبي محمد /// و كأنما أنصارك الأنصار
، بل إن الشعر خاصة وليس النثر منه ببعيد يغدو تجارة رابحة يباع بالوزن ، فهذا الأمير الفلاني ، رأى في المنام أن المتنبي يبصق في فمه ، فأولها لها المعبر أنه يحمل روح المتنبي بين جنبيه وسيكون خليفته في هذا الزمان وسيسمع الدنيا دويا تداوله الكييبوردات العشر !! وسينام ملء جفونه عن شوارد الشعر ، لأن هناك فقيرا رث الثياب ، طويل السبال لا يرى عليه أثر البيت والراحة !! مليء فمه درا وياقوتا سيقوم بمهمة السهر ونسج القوافي من معادنها ليفهم به البقر !! ثم تتكفل الصحف والإذاعات والقنوات بنشر هذا الشعر ولا يحتاج عندها إلى مسير الشمس أو نثل الريح !! وسيمنح لقبا يبين مقدار المعاناة واللوعة ( جريح الفؤاد ) ( ساهر الليل ) ( دايم الخنجر ) ( الملتاع ) (الونان ) !! وهلم ونونة !!
وأبشركم بأن الشعر لم يعد يقتصر في سوقه السوداء على أصحاب السمو بل أخذ ( يتسدح ) بين أعين الباعة من مختلف الطبقات !! وأصبح وحام الشعر ظاهرة ( حضارية ) !!
كما أن النثر وتصنيف الكتب قد أصبح جنونا يضاهي جنون البقر إلا أن طبقة الكتاب تعلو قليلا بما يصحبها من ألقاب !!
وإن كانت تلك الفرص شرفا ووجاهة ومنصبا ، أخذ الشعر أوالنثر عدته ، فتزين وتحلى ، وتعطر ، ولبس أجمل ما أخرجته باريس ولندن وإيطاليا من أزياء ، ثم أنزل القمر من عليائه ليرصع به صدره ، وتبرج ،، ثم عرض هذا كله بأسلوبه الملتوي الماكر أمام العيون الحمراء من وقد الشهوة ، وقال : هذه بتلك التي نريد !! هذه الحسناء بنت فلان !! بتلك ( الوظيفة ) وبذلك ( اللقب) !! وما أكثر الوراد يومئذ !! وما أكثر الباذلين !!
بكل تأكيد عندما يتحول الأدب إلى صالات قمار ، وبارات ، وفترينات تعرض فيها الأجساد ، فإنه يتهاوى لأن الحياة التي يصورها ويمثلها تتهاوى ولا تستحق عناء العقل والقلب !!
اقرأ إن شئت في أي عصر تحول الأدب إلى ماذكرنا !!؟ ستجد ذالك في عصور الانحطاط ونصر الهوى الغالب على الواجب الكسير !!
لم ينحط الأدب في عصوره الجاهلية والإسلامية ، والأموية ، وإن أصابه بعض الضعف الفني في بعض الأطوار ، ولكنه انهار وانحط في أواسط عصر بني عباس ، وأخذ بالانحطاط إلى أن بلغ القاع بعد ذلك بزوال دولتهم وخروج من خرج من الدويلات والطوائف !! وقل مثله في الأندلس ، وقل مثله في العالم كله ، فما الأدب في فرنسا في أعقاب عصر لويس الرابع عشر وما قبله ؟ وما الأدب في إبان الثورة الفرنسية وانتشاء روح الشعب وغلبته على كل روح … وقل مثله في الأدب الإنجليزي في عهد إليصابات عندما كاد الأدب أن يكون أدب ملوك وأمراء يفرضون أذواقهم ، وعاداتهم عليه ، ويتزلف لهم ويتصنع كما تتصنع البغي لرجل ليلة !! كل يوم بشيء جديد يثقل معانيها ، ويغير منظرها إلى الأشنع والأفزع !! وما تتغير في نظر مريدها لأن الشهوة والهوى يحجبان مسلك النور إلى عينيه !! غير أن الثورة الشعبية ردت إلى الأدب وقاره العفوي وجعلته ابن الحياة الشرعي !!
وإن شئت أن أضرب لك هذا المثال من واقع (عامي) / فإني فاعل ذلك بكل رحابة صدر !!
فقل لي : كيف كانت قصائد مشايخ القبائل وأبنائها وفرسانها في عهد المشايخ والقبايل ، هل يستوي شعر ( سعدون العواجي ) و ( مشعان بن هذال ) و ( الصقري ) و ( عبيد بن رشيد ) و ( عبدالعزيز الرشيد ) و ( ابن حميد ) و ( ابن قرملة ) و( راكان ابن حثلين ) وغيرهم الكثير من ( الشيوخ ) و ( الفرسان ) هل يستوي شعرهم بـ ( سلاتيح ) الشعر الشعبي اليوم / كيف كانت أشعارهم في السابق وكيف أصبحت اليوم ؟
لقد كان أولئك الأبطال يتغنون بأمجادهم الشخصية وبأمجاد قبائلهم ، وبمعاركهم وانتصاراتهم ، وبأخلاقهم الأصيلة من كرم يوم أن كان الكرم كرما لا كرم اليوم القائم على المطاعم والمطابخ ، والتي لو ذهبت لهلك كثير من ( الضيفان ) إما بسبب التسمم إن ( تشطروا) أهل البيت ، وإما بطول الانتظار …..!!
ومن شجاعة ومروءة ورعاية للجار ، وما أكثر الأشعار والقصص التي تدل على هذا .. والسبب لأن البدوي الأول لم تكن حياته تسمح بالذل والتستر عن الناس وكان روح القبيلة قويا جبارا يقود إلى العز وطلب السيادة ..والمنافسة بين القبائل على أشدها!!
وأما اليوم فالشعراء الشعبيون يبحثون عن الحب وتصيد النساء بأية طريق !! فإن ( ترجلوا ) قليلا فشعرهم في المدح والثناء على من لا يستحق شربة ماء !! واشعارهم فوق ذلك مليئة بالغثاثة والركاكة والبرودة حتى إنه ليصيبك التردد مرات ومرات لتقول بأن هذا شعر يستحق ثمن الورق الذي كتب فيه !! وإن شئت أن تزيد مسألة دس الشعر وبذله لآخرين بعوض أو بدون عوض حتى رابت الأمور واضطربت الحقائق فلك ذلك ..وكل هذا يكشف لنا مقدار الواقع الذي يعيشه هؤلاء !! واقع ضعف وخذلان ، وواقع فقر ومذلة ، على حين أننا من أغنى الشعوب وأقدرها على سلب كرامته لو أراد !!
وما الذي نريده من الأدب ؟ نريد منه بكل ( بساطة ) أن يكون أدب حياة : نابضا بالحياة كما هي ، لا يتصنع ولا يذل ، ولعلنا أن نصحح الطلب فنقول : نحن نحتاج إلى ثورة شعبية على كل المستويات تعيد للحياة وجهها الحقيقي وتنفي الزيف إلى خارج حدود النفس ، وإلى خارج حدود الحياة ….إننا لا نطالب بأن تنغلق الدائرة ولكننا نطالب بأن تنثني ويقترب طرفاها شيئا فشيئا إلى أن نستحق كمالها المناسب .وإلا فإننا سنبقى فيما نحن فيه من كذب ودجل وذهاب لكل معاني الحياة .
وسيصدق فينا قول المعري :
لم يبق في العالمين من ذهبٍ /// و إنما جُل من ترى شَبهُ
دعهم فكم قطعت رقابهــم /// جدعا ولم يشعروا ولا أَبهوا
قد مزجوا بالنفاق فامتزجوا /// والتبسوا في العيان واشتبهوا
وما لأقوالهم إذا كشفــت /// حقائق بل جميعها شُبــه
Archived By: Crazy SEO .
تعليقات
إرسال تعليق