أهل الجنوب /بين كيد الأعداء / وخبث الأصدقاء !!

” الساخر كوم ”

قال أبو تمام :
لا رقة الحضر اللطيف غذتهم // وتباعدوا عن فطنة الأعراب
فإذا كشفتهمُ وجدت لديهمُ /// كرم النفوس وقلـــة الآداب

قبل أن يتهمني متهمٌ بالعصبية ، فأنا أعترف أنني أحب أهل الجنوب وليس بيني وبينهم إلا كل خير وبيننا من الروابط الخاصة والوشائج المتشابكة ما لا يعلم سره إلا الله – تبارك الله – وإذا فلا ملام ولا عتاب عليّ لأنني أردت أن أقول ما يعتور في نفوس كثير من أهل هذا البلد وما يتسرب متسللا على أطراف ألسنتهم بين الفينة والأخرى …
لايشك عارف أن أهل الجنوب فئات من حيث قوة النسب وضعفه سواء ذلك بين القبائل بعضها مع بعض أو بين أبناء القبيلة الواحدة إلا أنهم يبقون في دائرة النسب !!
ولا يشك عارف – مثلي – أن من أهل الجنوب من أصبح جنوبيا بالولاء من حيث سكناه هناك أو من حيث رحيله لسبب من الأسباب عن دياره أو من حيث استعباده عبر سنيات مضت !!
ولا يشك عارف أن من أهل الجنوب من اشتهر بالفروسية – رغم أنهم لا يعرفون الخيل !!- والشجاعة وضرب به الأمثال … كما أن منهم من يغمى عليه الليالي ذوات العدد بسبب عطسة على حين غرة منه !! ولله في خلقه شؤون !!
وأيضا – بارك الله في أعينكم – لا يشك عاقل بأن من أهل الجنوب من عرف عنه بأن سكينه حمراء وحتى لا يسألني التونسي عن المعنى المقصود من ذلك ، فإنني أبادر فأقول إنها تعني أن هذا الرجل مفرط الكرم … وليس المراد به كرم الكبسة من دجاجٍ وتيس …… وبليلة كما هو عند أهل مكة – حفظها الله وأصلح أهلها _ وإنما الكرم الذي يفري أديم الكبش السمين على حين فقر وعوز وحاجة !!
وكما أن فيهم من ذكرنا ، فإن فيهم أيضا من يبست يده وتمثل الأمثال عند حلول الضيفان .. وربما قال ما قال الأول ذات كرب : بولي على النار … !!
وقد اتصل بي أحدُ هؤلاء قبل فترة وحلف بالطلاق والعتاق إن لم أحضر .. فقد أتاه ضيف عزيز عليه وعمل له وليمة في مكان فخم .. وموعدنا للاجتماع في بيته … !! ذهبت إليه بعد أن شربت سويقا على عادة السلف حتى لا أكون جشعا عندما يقدم مائدته العظيمة … اجتمعنا وبعد برهة وصل ضيفه وبعد فرقعة القبلات واصطكاك الصدور .. قال : هلموا بنا إلى مكان العشاء … فانصرفنا وكلما مرّ على مكان معروف قلت هاهنا محط كروشنا … ويخيب الظن .. حتى وصل بنا إلى أكبر مكان في البلد ولا يدخل إلا بتصريح والحفلة فيه تتكلف الشيء الفلاني من الورق الفلاني … !!
فقلت في نفسي : ( كفو ) هذا صاحبي المشرف … فياليتني لم أشرب سويقا ولم اقرأ تلك السير إلا بعد تلك الليلة فسيفوتني بسبب ذلك أدسم عشاء في أرقى مكان …
أخذ بنا ذات اليمين وذات الشمال حتى وقف بمحاذاة المكان الفخم ثم قال : انزلوا – بارك الله فيكم – ومرحبا الف !! نزلنا وفي ظني أننا سنكمل بقية الطريق القريب على أرجلنا … وإذا بالرجل يخرج ( الزل( وهو عبارة عن فراش!! – توضيح لابد منه – ) والبسط ) وعدة الشاي والقهوة …. ويقول : اللهم انزلنا منزلا مباركا وأنت خير المنزلين … !! أظن أنني عرقت بما يعادل حمولة ( وايت 6) …
نزلنا وأكثرنا من الضحك والنكات البائخة من أجل أن ننسى الموقف حتى لا نحرج صاحبنا … ولكن ( ما وراك أحد .. وجهه قدّ من كفرة سيارته !!
شربنا القهوة ثم الشاي ثم القهوة ثم الشاي حتى صهل القولون … فقال – بسم الله عليه – لا بد وأنكم قد جعتم ..فراغ إلى شنطة سيارته فجاء بسلة هزيلة تحملها الكف الواحدة وإذا فيها كيسان من الخبز وعلبة زيتون وعلبتان من الجبن ومخللات وقشطة ….. وحبتان تونة !!
والحمدلله فقد شبعنا تلك الليلة لكثرة ما قضمنا من أضافيرنا وجلدة أصابعنا !!
وأنا إذ أقول هذا واستطرد هذا الاستطراد لا أنوي به أن أكون خبيثا فأكشف بعض المفارقات وأبرزها أمام أعين الناس !! لا ما قصدت هذا وكيف يكون هذا وأنا بحمدالله أنقى من السحابة في جوها … !!
ومع كل هذا فأهل الجنوب على كثرة السحر الموجود فيهم وعلى كثرة الشركيات المتسللة إلى قلوبهم وعلى كثرة الحسد والبغضاء المالئة أنفسهم … إلا أنهم قوم بسيطون تحبهم ويحبونكم بعد أن تشتمهم ويشتمونك ..وهم قوم يخافون الله ولا يصدقون إلا قليلا … ويريدون الجنة ولا يعملون إلا جليلا …!!
والسؤال الذي يطرح نفسه إذا كانوا بهذه المثابة من خفة الدم وكثرة الإيمان وصدق اللهجة وعراقة النسب .. فلماذا تهضم حقوقهم من قبل اصحاب الشأن ويولى عليهم شرار غيرهم !! وتكسر شوكة أمرائهم !! ولماذا لا يكلفون من الأمر ما يطيقون ؟ ولماذا لا تصلهم الخدمات إلا بعد أن تصل أغلب بقاع الأرض !!
أسئلة حيرى !! ولن تجد إجابة شافية ….. إلا أن هؤلاء هم أهل الجنوب … وأهل الجنوب في كل بقاع الدنيا معذبون …. تمسهم اللأواء وتضاجعهم الابتلاءات .. وتصاحبهم المحن …هل هم من نسل النبوة ؟
أما يروى عن أحد آل البيت أنه لما سيق إلى القتل قال : الآن تأكدت من صحة نسبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم !! ولكنني كلما قرأت سهيلا ، قلت لا ليسوا من نسل النبوة لأنه إحدى النفاثات في العقد !!
__________________________________________________ ____
قال صاحبي الجنوبي لما قرأت عليه مقالاتي مفاخرا :

يامن يعيب عليَّ أني كافرٌ /// بحضارة وشّى الخداع ثيابها
بيني وبينك في الشعور مفاوز /// غمر الضباب وهادها وهضابها
إن يجْنِ من هذي الحضارة غيرنا /// شهدا فإنا قد جنينا صابها
ولئن زهت بعض النحور بتبرها /// فلقد روينا بالدماء ترابها
والحر يعتبر السجون مقابرا /// دكناء مهما زخرفوا أبوابها
__________________________________________________ __
صفقت بحرارة وإن كنت لا أرى التصفيق إلا في المناسبات الرسمية !!:i: :i: :D:

( مقال ظاهره النكتة وفيه معان لا تخفى على الحكماء !! اللهم إني أعوذ بك من الحمقى ومن ( نشر المقصب !!! ) )k

الغيم الأشقر

Archived By: Crazy SEO .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شبابٌ لا يجرح البسمات !!